http://www.annahar.com/article.php?t=albalad&p=1&d=24856&fb_source=message resize resize small يتبيّن للمتابع ان غالبية
أعمال شركة "مروى غروب" الأخيرة التي تحمل توقيع الكاتبة كلوديا مرشليان
تعتمد التضخيم أسلوباً للتميّز أولاً ولشدّ الجمهور الى الحبكة ثانياً. لم
يعد المُشاهد في حاجة الى ان يكون عرّافاً حذقاً يمضي الوقت في قراءة
الأوراق ليدرك الأعمال الممهورة من مرشليان. يكفي ان يصطدم بمطبات
"الأوفرة" على مفارق بعض مَشاهد النصّ ليقع حيث يُفترض عليه النهوض.
حلقة
"المساكنة" ضمن سلسلة "الحياة دراما" الأحد الفائت أوجبت فرضية "الأوفرة"
(من over) أعلاه. صحيح ان جزءاً كبيراً من المجتمع اللبناني يرفض الى اليوم
ان تسكن المرأة في بيت رجل لا تربطها به وثيقة زواج "مباركة" من رجال
الدين، وإنما الزاوية التي قاربت فيها مرشليان الموضوع عبر الدراما جعلتنا
مشدودي الأعصاب طوال الوقت ومستسلمين أمام واقع مرير من التمادي في عدم
الاعتراف بالحريات الشخصية.
الثغرة الأولى التي وقعت فيها الكاتبة كانت
اختيارها البيئة القروية المحافظة لبناء النصّ لكونها غير مناسبة منطقياً،
وطرح موضوع بـ"حساسية" المساكنة. فالرفض القاطع له أمر بديهي ومُتوقّع،
والعواقب الوخيمة ما فاجأتنا البتة. وبهذا وقفت الدراما في مكانها ولم
تتقدّم.
تنقلب حياة "جمانة" (داليدا خليل) إثر تلقيها خبر قبولها لإحدى
الوظائف في بيروت، ولما لم تكن العائلة تمتلك منزلاً لها في المدينة،
اقترحت جمانة السكن عند خالتها. عدم تكيّفها وشروط العيش هناك دفعتها الى
المغادرة للسكن مع خطيبها "طارق" (ميشال قزي من Star Academy) في منزله
بناء على طلبه، لينطلق سيناريو فيلم رعب من نوع آخر.
يؤخذ على الكاتبة
اختيارها الحالات الخاصة لبناء حبكتها الدرامية، فكم من الفتيات نزحن الى
بيروت بغرض العلم أو العمل وتمكّن من العيش في المساكن الخاصة بالطلاب أو
في غيرها من الأماكن من دون ان يجدن أنفسهن "مضطرات" الى المساكنة. الثنائي
طارق وجمانة بدوَا غير ناضجين (تحديداً طارق) ولا يعرفان ماذا يريدان من
الحياة. بدوَا كالأطفال أمام قرار بحجم المساكنة مما أضعف جوهر العمل.
فخطوة بهذا الحجم تفترض التمتع بكثير من النضج الفكري (ليس مرتبطاً بالسن
فقط) وهذا ما لم نلمسه في الدراما.
بدأت الألسن بقذف السموم والعيون
بقدح الشرر، فذهب السيناريو والحوار بعيدين في السوداوية الى درجة ان أحد
المراهقين من الجيران حاول اغتصاب البطلة في عقر دارها! لربما هذا "منطقي"
نظراً الى انطلاق العمل من عقلية محافظة، الأمر الذي سيختلف كلياً لو
اختيرت بيئة أكثر احتراماً للحريات الفردية، وهي حتماً موجودة في لبنان.
صحيح
ان المساكنة لا تزال "تابو" عند كثير من اللبنانيين لارتباطها الوثيق
بالجنس قبل العادات والتقاليد، لكن الأمور لم تكن بهذا السوء بالنسبة الى
الشاعر والناقد الأدبي بول شاوول والممثلة كريستين شويري اللذين كانت لهما
تجربة في هذا الشأن جعلتهما أكثر نضجا وحرية. اليهما، استقبلت المقدمة
رانيا عيسى الممثلة والكاتبة المسرحية بيتي توتل، والمستشارة في علم النفس
غيدا الحسيني اللتين كانتا أكثر تحفظاً أثناء المناقشة.
عيسى الوافدة
من عالم التمثيل لم تكتف بالتقديم، فبدت منحازة الى الدراما، لينقسم النقاش
الى مع وضد. شويري نمّت عن شخصية قوية تمارس الحرية بمسؤولية. شاوول غرف
لنا من أفكاره الفلسفية، فاعتبر ان المساكنة مسألة خاصة مثل الشعر لا يحق
لأحد التدخل فيها. قاطعته عيسى مراراً لتنتقل الى توتل التي تكلمت بقلب
الأم الخائف على الأولاد مهما بلغوا من العمر، أما الحسيني فاكتفت
بالإصغاء، اللهم عدا المرات القليلة التي استوجب توزيع الأدوار منها
المداخلة.
fatima.abdallah@annahar.com.lb / Twitter: abdallah_fatima